رسالة أب: أيها الولد إن كنت تبحث عن رفيقٍ، فوالديك لك هدىً
تربية الأبناء - بقلم الأستاذ / محمد الجنان
ﻻ تغتر بطولك وﻻ بعرضك، فحتى أصبحت على ما أنت عليه من طولٍ وعرضٍ، فقد سهر عليك والديك صيفًا شتاءً ليلًا ونهارًا، وأصابهم البرد ﻷجل أن يصيبك الدفء، كم ناموا بلا غطاءٍ ﻷجل أن يُغطوك، وبالخصوص أمّك، وكم تحمّلوا ألمًا ليمنعوا عنك وجعًا، فإن كنت تعلم أو ﻻ تعلم، فاعرف بأنهما تعبا لترتاح، تذكّر حين تشعر بالرّاحة بأنهما ﻷجلك تعبا عمومًا، ولراحتك خصوصًا، آهٍ كم مشيا في العتمة لتمشي أنت بالضّوء والنّور، وأمّا عن اﻷكل، فحدّث وﻻ حرج “ياما” ناموا جائعين لتشبع أنت!!
انظر إلى ثيابك النظيفة المكوية، فالنظافة والكوي الذي يعجبك، كان مقابل تشقّق أصابع يدي أمّك وألمٍ بأكتافها. انظر لنفسك حين تجلس لتأكل ناسيًا أن أمّك وقفت على أرجلها لساعاتٍ لتطهو لك الطعام الذي تحبه أنت، فـ لطالما طُبخ ما لا يُحبه والديك لكن لأجلك فعلوا، فكنت وما زلت تأكل وتشبع وتترك الصحون الفارغة لتجليها أمّك!!
يا ريتك تعرف ولن تعرف، حين تكون متألمًا وتشعر بالوجع، كيف يكون شعور والديك؟ لن تعرف لأنك لست أبًا وتفتقر للشعور الأبوي المُمتع الحلو المر، المريح المتعب، ماذا أذكر لك بعدُ؟
فمهما حاولت أن تستجمع لتعرف مدى فضلهما عليك، فلن تستطيع اﻹحاطة بفضلهما، أيها البالغ العاقل، وعن برّهما غافل!! تذكر حين تقول لك أمّك «اخلع نعليك» فلا تأبه لكلامها!! فتدوس بنعلك حيث لا تريد هي أن تدوس!!
فهل تعلم بفعلك هذا بأنك ﻻ تمشي على السجادة!! ﻻ، وألف لا.. وإنما تدوس على صحتها وتعبها وعلى يديها!! فيُصاب قلبها بحزنٍ تُخفيه عنك بالعادة، لكن وﻷنك ابنها تعود لتغسل لك وتنظف وتطهو وتجلي، وكأن شيئًا لم يكن!! فـ مهما فعلت فلن تفيها حقّها حتى الممات، كن مُرضيًا لوالديك ومُحسنًا مدى الحياة، لا تنس فضلهما عليك مذ أتيت إلى الحياة. ثم.. ماذا يعني أن ترفع أمك أو يرفع أبوك الصوت بوجهك؟؟
فلا مبرر لتقول ((ليش هيك عم ينحكى معي؟؟)) فسؤالك مقياسه غلط، نعم غلط لأنك تُشبّه والديك بصاحبٍ من أصحابك!! والحقيقة غير هيك بالمرة، إنهما أصحاب الفضل عليك!! فانتبه يا غافل من غفلتك وانظر أين هو رضا والديك، انظر لفضل اﻷم عند الله، وانظر لفضل اﻷب عند الله، لتعرف مع مَنْ مِنَ المسلمين أنت تتعامل.
مقال رائع ومؤثر ، شكرا أستاذ محمد الجنان